نجيب محطفوظ اثناء جلوسه على المقهى
نجيب محطفوظ اثناء جلوسه على المقهى


كتب نجيب محفوظ أشهر قصصه على ترابيزة خشب وكرسى منقوش مزركش

قهوة الفيشاوي.. الملكة أوجيني عشقت الشاي بالنعناع من يد الحاج فهمي

بوابة أخبار اليوم

السبت، 24 أبريل 2021 - 01:23 ص

كتب - أحمد عبد النعيم


بمجرد انتهاء الموظف نجيب محفوظ عبدالعزيز إبراهيم أحمد الباشا من وظيفته بديوان وزارة الأوقاف المصرية إدارة القرض الحسن بحى الحسين،  يترجل حتى مكتبة الحسين المجاورة للميدان ليشترى بعض الكتب وأوراق بيضاء وبعض الأقلام الجديدة فلم يعتد على الاستعانة بأقلام الوزارة ابداً .

 بعد الانتهاء ومحاسبة البائع يبتسم وفى هدوء يحمل حاجاته إلى أقرب مقهى داخل زقاق صغير ليجلس على طاولته المعتادة كل يوم ويبدأ فى كتابه السطر الأول من روايته الجديدة أو يقابل أصدقائه وتلاميذه الكل يعرف مكانه بسهولة وكان فى تلك الفترة تباع الكتب على المقاهى ليس غريباً أبدا أن تجد شخصاً يحمل عدداً كبيراً من الكتب ويعرضها على رواد المقهى وبعدها يستريح على سور الأزبكية الذى اشتهر فيما بعد وكان نجيب يشترى الكتب من البائع السريح ويحتفظ الأرشيف بعدد من صور نجيب وهو يشترى الكتب.

 يقدم صاحب القهوة ليرحب بالجميع ويبدأ فى تقديم واجب الضيافة الشاى بالنعناع المعتاد داخل أبريق خاص والسكر عادة "بره" أم نجيب محفوظ فنجان قهوة مزركش على صينية ذهبية والكرسى الخشب المطعم بالنقوش البارزة.. مشهد يومى لصاحب نوبل داخل أشهر قهاوى مصر قهوة الفيشاوى . 


صاحب الفيشاوى 
 ـ صدرت أول بطاقة حب فى 1797 وقامت الحملة الفرنسية على مصر فى نفس العام فى محاولة للسيطرة على البلاد ولاقى نابليون المقاومة من كل أفراد الشعب ولم تكن نزهة عسكرية كما ادعى (في 21 أكتوبر 1798، بينما كان بونابرت في القاهرة القديمة، كان سكان المدينة ينشرون الأسلحة في الشوارع ويعملون على عمل تحصينات، خاصة في المسجد الكبير. كان قائد اللواء «دوبوي»، حاكم القاهرة، أول من قتل، ثم سلكوفسكي، صديق بونابرت ومعاونه في المعسكر. بعد تحميسهم من قبل الشيوخ والأئمة، أقسم المصريون أن يبيدوا كل الفرنسيين، وأي فرنسي قابلوه تم قتله. وتجمعت الحشود على بوابات المدينة لمنع بونابرت من الدخول، الذي صُدِم وأُجبر على اتخاذ منعطف للدخول عبر بوابة بولاق ) .  وبينما العالم كله مشغول بالحب والحرب أنشأ الحاج فهمى على الفيشاوى بوفيه صغير بزقاق خان الخليلى الضيق يقدم الشاى بالنعناع والقهوة المحوجه والنرجيلة (الشيشة).


ظل الحاج فهمى داخل مكانه الصغير ولكنه اكتسب شهرة وزبائن اعتاد الناس الجلوس بجانبه يحكى من يحكى ويسمع وأحيانا يلقى البعض النكات والقافية وكلما زاد العدد احتاج إلى مكان أوسع مما دفع الحاج فهمى إلى شراء محل صغير بجانبه لينقل إليه قاعدة الأحبة ويزيد من رزقه ومع صباح كل يوم يحمد الفيشاوى ربه ويبدأ فى التجهيز اليوم الطويل اتسع المقهى وارتفعت يافطة أعلاه بأسم مقهى الفيشاوى بالخط العربى المزركش وأصبحت أشهر مقاهى الحسين . 


الفيشاوى والملكة أوجينى 
 ـ جاءت الملكة أوجينى إلى مصر بدعوة من الخديو إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس وقد بالغ الخديو فى مظاهر الاحتفاء بها، جاءت وحدها دون الإمبراطور الذي كان مشغولاً بالظروف السياسية التي تمر بها فرنسا، وكانت هي في الثالثة والأربعين من عمرها، ولكنها بالغة الأنوثة والتألق والجمال، وجاءت إلي مصر قبل ثلاثة أسابيع من الاحتفال زارت خلالها الآثار المصرية في الأقصر، وقد عبرت الإمبراطورة نفسها عن البذخ والترف في احتفالات افتتاح قناة السويس لم أر في حياتي أجمل ولا أروع من هذا الحفل الشرفي العظيم .

 وقد نسج البعض قصصاً وهمية عن حب الخديو إسماعيل للملكة وانه انشأ حديقة الأسماك بالزمالك والسريا لها وكلها حكايات من نسج الخيال لا أساس لها من الصحة .. ومن الحكايات التى تحتاج إلى بعض التدقيق ولكن نحكيها هنا من باب رصدنا للفيشاوى المكان والزمن .. أن الملكة أوجينى أثناء جولتها فى منطقة الحسين وخان الخليلى قبل افتتاح قناة السويس بأيام قليلة شعرت بعض التعب من المشى داخل الحارات الضيقة واحتاجت الاستراحة قليلاً ولما كان من الصعب إحضار العربة الخاصة بها داخل الحارة الضيقة لم يجد الحراس إلا الجلوس على أحد المقاهى وكان الاختيار لقهوة الفيشاوى وبسرعة جرى الحراس إلى صاحب المقهى لتجهيز المكان والذهاب فوراً إلى قصر الخديو لاحضار الأطقم الذهبية لتقديم المشروبات بها .. إلا ان صاحب المقهى رفض وطالبهم بالجلوس على أى مقهى آخر أو استعمال أدوات قهوته العادية ولما كان الوقت لا يحتاج الى مزيد من النقاش جاءت الملكة لتجلس على كراسى القهوة الخشبية المزينة بالنقوش اليدوية والحيطان الخالصة والمرايا المحاطة بإطار مذهب أعجبت الملكة بالمكان جداً وقدم لها صاحبه الشاى بالنعناع على صينية فضية وكوب ماء وبراد وسكر بره.

فى أجواء مصرية خالصة .. جلست الملكة واستمتعت جدا ويقال إنها طالبت فى اليوم التالى صاحب المقهى ليقدم لها الشاى بالنعناع صباحاً .. ربما تكون حكاية من الخيال ولكنها تحكى وتضاف إلى سجل قهوة الفيشاوى .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة